المتطلبات الوظيفية التي ليس لها علاقة بالوظيفة أساساً: عندما يطلب منك أن تكون “سوبرمان”… ولكن بدرجة ماجستير في التصميم الجرافيكي!

Uncategorized

قائمة المحتوى

في صباح مشمس، استيقظت سارة، وهي خريجة جديدة تخصص تصميم جرافيكي، على إشعار جديد في بريدها الإلكتروني. كان الإشعار من شركة عالمية تطلب “مصمم جرافيكي”. شعرت سارة بالإثارة والحماسة، وبدأت تتصفح الإعلان بكامل حماسها البريء. كانت الكلمات الأولى “مطلوب مصمم جرافيكي ذو خبرة ثلاث سنوات”، وهو ما بدا معقولاً حتى الآن. ثم بدأت الأمور تأخذ منحى غريبًا:

  • “يجب أن يكون لديك مهارات كتابة المحتوى باللغتين العربية والإنجليزية”.
  • “خبرة في إدارة شبكات التواصل الاجتماعي”.
  • “معرفة متقدمة في البرمجة باستخدام JavaScript وPython”.
  • “القدرة على العمل كمحاسب في حالة الضرورة”.
  • “مهارات في الرسم باليد باستخدام الفحم، لأننا نحب الفن الكلاسيكي”.

سارة أغلقت الإعلان بعد أن قرأت آخر شرط: “القدرة على إحضار فنجان قهوة لرئيسك كل صباح دون أن يبدو ذلك جزءًا من وظيفتك”.

بعد ضحك هستيري دام دقائق، وقفت سارة أمام المرآة وقالت لنفسها: “إذا كنت بحاجة إلى كل هذه المهارات، لماذا لا تبحث عن سوبرمان بدلاً من مصمم جرافيكي؟”.

وهكذا، بدأت رحلتنا اليوم للحديث عن تلك المتطلبات الوظيفية التي ليس لها أي علاقة بالوظيفة الأساسية، وكيف أصبحت ظاهرة منتشرة تجعل الباحثين عن عمل يشعرون بأنهم يحتاجون إلى الحصول على درجة الدكتوراه في كل شيء فقط ليتم قبولهم لوظيفة قد تكون بسيطة.

1. قصة البحث عن “الموظف الكامل”

في عالم الشركات الحديثة، يبدو أن أصحاب الأعمال يبحثون عن “الموظف الكامل”، الشخص الذي يمكنه القيام بكل شيء بنفس المستوى من الكفاءة. ولكن هل هذا منطقي؟ الإجابة هي: بالطبع لا!

وفقاً لدراسة أجرتها شركة LinkedIn عام 2022، فإن حوالي 70% من إعلانات الوظائف تحتوي على متطلبات غير مرتبطة بشكل مباشر بالدور الأساسي للوظيفة . هذا يعني أن معظم الشركات تطلب من الموظفين أن يكونوا مثل السويسريين الذين يجيدون العمل في كل شيء، من صناعة الساعات إلى تقديم الشوكولاتة!

على سبيل المثال، إذا كنت تتقدم لوظيفة “مدير تسويق رقمي”، فمن الطبيعي أن تكون لديك مهارات في تحليل البيانات وإدارة الحملات الرقمية. لكن عندما تجد الشركة تطلب أيضًا مهارات في تصميم الجرافيك، كتابة الشعر، ولعب الغيتار أثناء العروض التقديمية، فهذا يجعلك تتساءل: “هل أنا هنا لأدير حملة تسويقية أم لأصبح نجمًا في برنامج المواهب؟”.

2. الإحصائيات الصادمة: عندما يطلب منك أن تكون “كل شيء”

دعونا ننظر إلى بعض الإحصائيات التي توضح مدى انتشار هذه الظاهرة:

  • وفقًا لتقرير صادر عن موقع Bayt.com في عام 2023، فإن 45% من الباحثين عن عمل قالوا إنهم واجهوا إعلانات وظائف تحتوي على متطلبات غير منطقية تمامًا .
  • حوالي 60% من الموظفين ذكروا أنهم شعروا بالإحباط بسبب طلب مهارات لم يتم تدريسها أصلاً في مجالاتهم الأكاديمية .
  • وأغرب إحصائية جاءت من استطلاع أجراه موقع CareerBuilder، حيث قال 30% من أصحاب العمل إنهم يطلبون مهارات إضافية فقط لأنهم يعتقدون أن ذلك يجعل الوظيفة تبدو أكثر جاذبية (نعم، كما لو أننا نتحدث عن سيارة مستعملة تحتاج إلى بعض “الإضافات الزائدة”!).

ولكن السؤال الأهم هنا هو: هل هذه المتطلبات الزائدة تضيف قيمة حقيقية للشركة؟ أم أنها مجرد وسيلة لإبعاد أكبر عدد ممكن من المتقدمين؟

3. عندما تصبح الوظيفة لعبة “من يستطيع أكثر”

لنعد إلى قصة سارة مرة أخرى. بعد أن تجاوزت صدمتها الأولى، قررت أن تشارك الإعلان مع أصدقائها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. النتيجة؟ انفجار من الضحك والسخرية. أحد أصدقائها كتب تعليقًا يقول: “أعتقد أنهم يبحثون عن شخص لديه خبرة في السفر عبر الزمن، لأنني لا أعرف كيف يمكن لشخص واحد أن يمتلك كل هذه المهارات!”

لكن الأمر المحزن هو أن هذه الظاهرة ليست نادرة. العديد من الشركات تستخدم هذه الطريقة لفرز المتقدمين بطريقة غير مباشرة. فهم يعلمون أن معظم الناس لن يتمكنوا من تلبية جميع المتطلبات، وبالتالي سيختارون فقط أولئك الذين “يقتربون” من القائمة الكاملة.

مثال على ذلك: إذا كنت تتقدم لوظيفة “كاتب محتوى”، فقد تجد الشركة تطلب:

  • مهارات في التصوير الفوتوغرافي.
  • الخبرة في إدارة المشاريع.
  • القدرة على التعامل مع برامج تحرير الفيديو.
  • معرفة بأساسيات الطبخ (لأن رئيسك يحب الطعام)!

هذا يجعلك تشعر وكأنك تقدم لوظيفة “ملك العالم” وليس مجرد كاتب محتوى.

. الحلول المقترحة: كيف نوقف هذه الظاهرة؟

إذا كنت صاحب عمل وتقرأ هذا المقال، فأرجوك أن تضع نفسك مكان المتقدمين. تخيل أنك تتقدم لوظيفة ويطلبون منك أن تكون خبيرًا في كل شيء. كيف ستشعر؟

وفيما يلي بعض النصائح للشركات لتقليل هذه الظاهرة:

  • ركز على المهارات الأساسية : حدد المهارات التي تحتاجها بالفعل للوظيفة، ولا تطلب أكثر مما تستطيع توفيره.
  • كن واقعيًا : إذا كنت بحاجة إلى مصمم جرافيكي، فلا تطلب منه أن يكون محاسبًا في نفس الوقت.
  • وفر التدريب : إذا كنت بحاجة إلى مهارات إضافية، ففكر في توفير برامج تدريب داخلية بدلاً من وضعها كشرط أساسي.

5. الخاتمة: عندما تصبح الوظيفة كوميديا سوداء

في النهاية، يبدو أن البحث عن وظيفة أصبح أشبه بمشاهدة فيلم كوميدي ساخر. كل يوم نرى إعلانات جديدة تطلب من المتقدمين أن يكونوا “سوبرمان” أو “سوبرومن” (إذا كنتم تفضلون المصطلح الحديث). ولكن الحقيقة هي أن هذه المتطلبات الزائدة لا تخدم سوى زيادة الإحباط لدى الباحثين عن عمل، وتجعل السوق أكثر تعقيدًا.

صادر:

  1. LinkedIn. (2022). The State of Job Descriptions in the Modern Workplace .
  2. Bayt.com. (2023). Job Seekers’ Experience with Unrealistic Job Requirements .
  3. CareerBuilder. (2022). Employers’ Perspective on Job Postings .